
محمد الدلو.. موهبة تكسر حاجز العزلة والمرض بالألوان
إسراء إبراهيم
بالألوان والرسوم الكارتونية، صنع الفلسطيني محمد يونس الدلو، عالمه الخاص ليُضيف لحياته البهجة ولمن يرى لوحاته التفاؤل والأمل، فعلى الرغم من أن “الدلو” مصاب بالضمور العضلي، إلا أنك لا تشعر سوى بالبهجة التي يُضيفها لرسوماته وعالمه وتنسى أنه يُعاني من شيء، فقد كسر حاجز عزلته عن الناس بالألوان، لتبدأ قصة إبداعه وإلهامه للشباب.
محمد الدلو شاب فلسطيني، يبلغ من العمر 25 عامًا، موهوب في فن الرسم خاصة “الأنمي”، وبرسوماته حقق تفاعلًا مع الناس، وفيما يلي حوار مع “الدلو” للتعرف على حياته:
اكتشاف المرض
قال محمد الدلو لـ “ننْسمع“: “يوم 5 من شهر 11 سنة الـ94، أجيت على الدنيا هاي كأي طفل طبيعي، وأهلي مبسوطين فيا متل أي عائلة مبسوطة بطفلها الجديد، وكان النمو طبيعي جدًا لحد عمر السنة بدأت أتراجع وما مشيت متل الأطفال الثانيين”.
تابع: “هاد الأمر خلي أهلي ياخدوني على الدكاترة وكانت النتيجة ابنكم من ذوي الإعاقة ومعه ضمور عام بالعضلات، أهلي تقبلوا الأمر ووالدي عمل جهده أنه أكون متلي متل غيري”.
وعن دخوله المدرسة، أوضح “الدلو” أنه التحق بمدرسة حكومية، مشيرًا إلى أنه كان الطفل الوحيد من ذوي الإعاقة بالمدرسة، ما جعله يندمج في المجتمع بسهولة منذ صغره ولا يشعر بالاختلاف.

العزلة عن الناس
أضّاف محمد أنه تخطى المرحلتين الإبتدائية والإعدادية والثانوية بتفوق، لافتًا إلى أنه تعرض لأزمة صحية منعته من الالتحاق بالامتحانات، مُردفًا: “وطوال فترة الفصل الثاني كنت جليس المستشفى والمرض، وكان من بينهم كسر بكتف يدي اليمنى وأيضًا استفراغ الدم بشكل متواصل، وعمل عملية، جميعهم أثروا على الدراسة وتقديم الاختبارات، هذا الأمر أثر عليّا سلبًا مما جعلني أعتزل كل شيء لمدة 3 سنوات بين 4 جدران في البيت، لا أخرج أبدًا إلا وقت الذهاب للمستشفى بسبب مرضي المستمر وتأثير حالتي الصحية المتراجع”.

اكتشاف الموهبة
أردف “الدلو”: “في هذه الفترة بدأت بتطوير موهبة الرسم لدي، بدأت أبحث عن سبيل آخر لإيجاد نفسي به في مجتمع مهمش لفئة ذوي الإعاقة ولا يعترف به ولا يطبق القوانين الخاصة بهاي الفئة، بدأت أتعلم من خلال اليوتيوب والإنترنت وكتب الـPdf، بدأت أرسم وأطور من نفسي لكن دون علم أحد إلا أسرتي التي كانت تدعمني بكل شيء، وخاصة والدي الذي كان يلبي احتياجاتي من أغراض رسم بشكل مستمر”.
نوّه محمد إلى أنه كان طوال الـ 3 سنوات يتعلم فقط، ويتخصص بأسلوب مختلف كليًا عما يراه الجميع وينتجه الفنان التشكيلي، مُضيفًا: “كنت أبحث عن الإختلاف والتميز لذلك تعلمت فن الأنمي، والذي يعتبر جزء كبير جدًا من طفولتي وطفولة جيل كامل”.

كسر العزلة
لفت إلى أنه في شهر 11 من عام 2013، تعرف على مجموعة من المتطوعين الذين أصروا أن يقوموا بزيارته بمنزله، وبالفعل تم الأمر، وعن ذلك قال “الدلو”: “أنه كان يشعر وكأنه يوم عادي سوف يمر مثل باقي الأيام، لكن حدث ما لم يكن متوقع نشأت علاقة صداقة قوية بيننا، وها هي تدخل عامها الـ7”.
وأرجع محمد أن الفضل الكبير لكسر عزلته وبدأ حياته ومسيرته الفنية كان هؤلاء الأصدقاء بعد الله، مُتابعًا: “الله سخرهم لأقوم بكسر حاجز المجتمع المعيق وأبدأ بكوني فنان أنمي”.

وعكة صحية شديدة
أخبرنا محمد الدلو، أنه تعرض عام 2014 لوعكة صحية شديدة، على إثرها دخل العناية المشددة في المستشفى، موضحًا أن حالته الصحية كانت سيئة جدًا، لافتًا إلى أنه كان غائبًا عن الوعي وتم فقدان الأمل بتحسن حالته.
وعن تلك الأزمة قال: “لم أكن أشعر بشيء أبدًا، لكن شعوري الوحيد أن رسالتي لم تنتهي بعد لا يزال أمامي الكثير لفعله لم يحن الوقت بعد، وبفضل الله استيقظت واستعدت وعيّ لأجد أن جميع عائلتي وأصدقائي ينتظرونني، وبفضل الله خرجت بفترة قصيرة من المستشفى”.


المشاركة في المعارض الفنية
أوضح محمد أنه بدأ بعد أزمته الصحية، المشاركة بمعارض الرسم بمساعدة أصدقائه وتشجيعهم له، موضحًا أنهم ساعدوه في كسر حاجز الرهبة من عرض رسوماته كونها رسومات أنمي، مُردفًا: “وبفضل الله لاقت استحسان وإعجاب الكثير مما دفعني لتقديم المزيد”.

معرض خاص
قدّم محمد عام 2015 أولى معارضه الفنية لعرض رسوماته الخاصة، جاء ذلك عن طريق أصدقائه الذين قدموه له كمفاجأة بسبب عيد ميلاده في شهر 11 من العام.
أوضح “الدلو” أن المعرض كان يضم جميع ما أنتجه من رسومات طوال عزلته، إذ كانوا أكثر من 100 عمل فني تُحاكي الكثير من القصص، لذلك سمي بمعرض الأنمي حياتي، وكان أول معرض للأنمي في فلسطين.
أضّاف: “ولاقى نجاح باهر جدًا ونال إعجاب واستحسان الجميع، وخاصة أنه كان يقوم بجعلهم يتذكرون طفولتهم، مما جعلني أحرص على التطوير وتقديم المزيد، واستمرت مشاركتي بالمعارض الجماعية حيث شاركت بأكثر من 30 معرض جماعي محلي في قطاع غزة”.
استكمل: “ومعرضين دوليين في جمهورية مصر العربية، بمشاركة جميع دول العالم برعاية رجل الأعمال السعودي أحمد الشمري، بدأت أبحث عن التطوير وتعلم أنواع جديدة من الفن وبالفعل تعلمت فن الماندالا والفن التعبيري”.

تكرار تجربة المعرض الخاص
أردف محمد الدلو: “عام 2017 أقمت معرضي الثاني بعنوان أمنياتي، والذي كان يختلف اختلاف كلي عن معرضي الأول حيث كان يضم 80 عمل فني جميعهم بالألوان، وأيضًا كان يضم فن متنوع الأساليب والقضايا منها فن الماندالا والفن التعبيري”.
أضّاف: “وكان يسلط الضوء على فئة ذوي الإعاقة في المجتمع، وبفضل الله لاقى استحسان وإعجاب الجميع، مما جعلني أطمح للمشاركة بمعارض خارج فلسطين”.
اختتم محمد الدلو حواره معنا: “خلال مسيرتي الفنية شاركت في العديد من الفعاليات ومحاضرات التوعية الخاصة بحقوق ذوي الإعاقة، وقد أتممت العديد من اللقاءات الصحفية مع العديد من المواقع والمحطات والإذاعات الإخبارية”.
محمد يونس الدلو، قصة شاب طموح، تغلب على ظروفه الصحية واستطاع رسم خط نجاح دفع الكثيرين للاهتمام بما يقدمه وينتظر جديده.

Share this post
التعليق
اترك تعليقا
المشاركات المتعلقة
هل لديك
تأثيراً حقيقياً ومميزاً؟

استخدام نفوذك المميز في مجالك؛ وحقق مع ننسمع نتائج فوق مستوى التوقعات
سجل كبولسارعلامة تجارية /
شركة ؟
